[size=31]فنية بالأعمال الشعرية الكاملة للشاعر حسين علي الهنداوي[/size]
[size=31]
بقلم: الشاعرة والمترجمة اللبنانية تـغـريـد بـو مـرعـي
ما أروع هذا الشموخ الباذخ في شعر حسين علي الهنداوي الذي يجنح إلى نوع من السمو والتألق الدائمين الذي يتعدى مفهوم الوصف المباشر، حتى أننا نكتشف في نصوصه أبعاد هذه الذات من شموخه وحبه للوطن، ولهذا فهو يطلق صيحة استنكار ويستنهض مكنوناته بثورة عارمة.
فعل الكتابة الإبداعية هو فعل لا يمكن التغلب عليه بالفناء. إنها محاولة المبدع أن يخلد أثر لا يشيخ ولا يمرض ولا يموت .. محاولة لوضع ملامح تكشف بعض المشاعر دون إفساد الشعر!
وإنّ التّحيز للكتابة هو أنسب شيء للإحتفاظ بذاكرتنا وأننا ما زلنا على قيد الأمل، إنّها تلبّي أمنياتنا المعلّقة وأحلامنا المبعثرة وأنّنا ما زلنا باحثين عن الجمال..
مع هذا العمل الضخم ، "الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر حسين علي الهنداوي"، ثمة أمر لا شك فيه، إن القصيدة لديه لها روح خاصة بها تمثل نفس الشاعر، فهي تعيش معه، تواكب أحاسيسه ، تعبر عما بداخله، وهذا هو شعر، إحساس ومائية ، وليس كلام مقفّى أو إيقاعي ...
الشعر والنثر كانا ولا يزالان ارتقاء النفوس إلى النفوس،
ينتشر الصعود العاطفي من خلال اللغة والخطابة في تناغم روحي وعاطفي وأيديولوجي ، وهذا ما وجدته في قصائد الشاعر الهنداوي، وكلما كان الصعود اللغوي صادقًا في المشاعر والعاطفة، زادت مظاهر اللقاء بين الشاعر والقارئ.
لعل الجنون نفسه مطلب الشعراء وتجارب الجنون وإثبات أنه يفرضه الشاعر على نفسه كرفض موثق لهذا العالم الذي يعيش فيه، لكن جنونه يطمح دائمًا إلى تغيير العالم أو الاعتراف بهزيمته أمام تناقضاتها وعبئها على النفس البشرية بمفهومه الشخصي للحرية والعدالة، لذلك يلجأ دائمًا إلى إقامة المحاكمات إما بإثبات الجنون أو نبذه أو خلعه عن عرش العالم كله، والمتهم بالجنون يقف أمام القاضي يعدد سبب جنونه، مضيفًا للعالم ما يراه أحد أسبابه. الأحلام التي لم تتحقق هي سبب، حتى الشاعر نفسه هو أحد الأسباب، والشاعرية هي الصوت الرافض الذي يسقط نتيجة الإخفاقات المتتالية في عالمه.
إن قصائد الشاعر حسين الهنداوي تتميز بجمال اللغة الشعرية و بصور شعرية مذهلة، وبالمعاني الإنسانية، وقد شغلت الكثير من الأدباء والنقاد والمترجمين، فوقفوا عندها مطولًا وحللوها وأبرزوا معانيها واعتبروها في موقع الأدب الكلاسيكي والحديث المتقدم فقصائد الهنداوي مفعمة بالرومانسية الشفافة والوطنية والشاعرية، يمضي بشاعريته من قصيدة شوق إلى قصيدة وطنية إلى قصيدة مهداة إلى قصيدة الذات المبدعة التي زرعت في البؤس السعادة وجعلت الشفاه تزهر بالأمل وأحالت المحال إلى واحة من نور ورجاء.
وعندما تبرز الأنا في شعر الهنداوي ككينونة تلبس لبوس الوطن مرة والقضية مرة أخرى نلمس لبوس كليهما معًا في مرة ثالثة لأنه منتميًا قطريًا إلى الوطن المعذب كوجع هذا الوطن المحكوم بألف هجرة واشتياق والذي لا يقدم لهذه الذات المتيمة العاشقة للإبداع سوى القهر واللفظ والحرمان، لدرجة رأينا الشاعر ينكر ماهيته ويسجن وجوده لسنين قضت، فزاد من جوهر العلاقة بين القصيدة ومضمونها وعذوبتها الموسيقية مما جعل قيمة القصيدة بتنوعها الكتابي والموسيقي الذي انعكس على نصوصه بالسلاسة والعذوبة إضافة إلى جوهر المضمون دون سواه، بعيدًا عن الشكل والأسلوب حيث ظهرت قيمة الكلمة في دلالاتها وفي مطابقتها للفعل الشعري تجسيدًا للإحساس بعفوية الصياغة، وهذا جعل لغته إبداعية تعتمد على لغة الحياة اليومية، أي أنها تتشكل من العناصر الموجودة في اللغة المتعارف عليها بعيدًا عن التعقيدات المتوارثة،وهذا ما ميّزه في تعامله وطرحه لنصوصه.
إلى العلا والسمو الشاعر الراقي حسين علي الهنداوي
مع تمنياتنا لك بدوام التوفيق والسطوع في مسيرتك ودمت ببهاء ونقاء ودام قلمك وارفًا في سماء الإبداع
وإلى مزيدٍ من الإصدارات.
[/size]