في1481م خرج السلطان العثماني محمد الفاتح من إسطنبول في حملة عثمانية، ولكنه توفي بعد خروجه بأيام قليلة، وانتهت حياة ذلك الرجل الذي أعزَّ الله به أمَّة الإسلام عقودًا متتالية، وبعد وفاة السلطان بيوم واحد كتب سفير البندقية إلى مجلس الشيوخ في بلاده رسالة تحتوي على جملة واحدة هي: «مات النسر العظيم».
وصل حامل الرسالة إلى القصر الحاكم في البندقية فأوقفه الحراس على الباب وأخبروه أنَّ رئيس الجمهورية في اجتماع هام وعليه أن ينتظر بعد نهاية الاجتماع، ولكن لم ينتظر حامل الرسالة واندفع بقوة داخل حجرة الاجتماع وصرخ قائلًا: مات النسر العظيم.
بعد أن قرأ رئيس الجمهورية الرسالة أعطى أوامره مباشرة بدقّ الجرس الأعظم في الكنيسة معبرًا عن فرحه الشديد بموت محمد الفاتح، وكان هذا الجرس لا يُدَقُّ إلَّا في ظروف معينة محدودة مثل وفاة رئيس الجمهورية، أو قدوم عدو إلى أبواب المدينة، أو تحقيق نصر للجمهورية.
انتشر خبر الوفاة في البندقية كلها وبدأت أجراس الكنائس كلها تُدَقُّ بالاشتراك مع الجرس الأعظم احتفالًا بموت الفاتح العثماني، ثم أرسل رئيس البندقية رسالة إلى البابا في روما يخبره، ولـمـا وصلته الرسالة أمر بإطلاق المدافع وبدقِّ أجراس روما كلها، ثم استدعى كل السفراء، للقيام بمسيرةٍ حاشدةٍ، وفي الليل أُضيئت روما بالألعاب النارية مع استمرار دقّ الأجراس وصلوات الشكر في كل الكنائس.
هكذا كتب الله لقصة محمد الفاتح النهاية، لكن لم ينته الحديث عنه بموته، بل ظل باقيًا بسيرته وكفاحه وجهاده، وليس عجيبًا أن يكون موت محمد الفاتح يوم احتفال عند أعداء الأمَّة، فلقد كانت حياته كابوسًا مزعجًا لهم .
#عمر_حامد